الزمن ـ السرد ـ التبئير
صدر” تحليل الخطاب الروائي : الزمن ، السرد ، التبئير ” سنة 1989 عن المركز الثقافي العربي بيروت / الدار البيضاء في الطبعة الأولى .
ـ الطبعة الثانية : 1992.
ـ الطبعة الثالثة : .1997
ـ الطبعة الرابعة : 2005
حصل هذا الكتاب على جائزة المغرب الكبرى سنة 1989.
ـ جاء هذا الكتاب ليضع الأسس الأولى لوضع تصور عربي ل” السرديات ” ، ويعمل على تطوير إجراءاتها بالاشتغال بنصوص روائية عربية ، لذلك كان يزاوج بين النظرية ، والتطبيق ، يناقش التصورات التي تبلورت في الغرب ، ويحاول الاجتهاد وفق مقتضيات النص الروائي العربي ، وفيما يلي مقدمة الكتاب :
تقديم
كيف يمكننا تحليل الرواية العربية بدون تصور نظري للرواية ؟ ماهو موضوع هذه النظرية ؟ ماهي أدواتها وأسئلتها ؟ كيف يمكننا إقامتها وتطويرها ؟
يحاول هذا البحث الإجابة عن بعض هذه الأسئلة ، وطرح أخريات مثلها ، ولا يدعي أنه يقدم الجواب الشافي الكافي . لكن يحق له الذهاب إلى أن الهاجس النظري والوضوح النظري كانا رائديه ، وهو يستفيد مما أنجز في مجال تحليل الخطاب الروائي في الغرب ، متموقفا من بعض من بعض الاتجاهات ، ومتسائلا عن أصولها وحدودها ، وإمكانات تطويرها . ونفس الممارسة كانت تحكمه وهو يطبق على الخطاب الروائي العربي مستكشفا ومنقبا بمرونة وحيوية .
موضوع ” تحليل الخطاب الروائي ” كما يدل عليه عنوانه ليس الرواية وكن الخطاب . وليس الخطاب غير الطريقة التي تقدم بها المادة الحكائية في الرواية . قد تكون المادة الحكائية واحدة ، لكنم ما يتغير هو الخطاب في محاولته كتابتها ونظمها . لو أعطينا لمجموعة من الكتاب الروائيين مادة قابلة لأن تحكى ، وحددنا لهم مسبقا شخصياتها وأحداثها المركزية وزمانها وفضاءها لوجدناهم يقدمون خطابات تختلف باختلاف اتجاهاتهم ومواقفهم ، وإن كانت القصة التي يعالجون واحدة . هذا يجعلنا نعتبر الخطاب موضوع التحليل . ويدفعنا إلى البحث في كيفية اشتغال مكوناته وعناصره .
منذ الشكلانيين الروس إلى الآن حققت نظريات السرد تطورا هائلا . تتعدد المقاربات والاتجاهات ، ولكل منها جذوره المعرفية وخلفيته ومراميه . ما هو الموقف الذي يجب اتخاذه منها ونحن نحاول الاستفادة منها أو استلهامها ؟
نسلك في تحليلنا هذا مسلكا واحدا . ننطلق فيه من السرديات البنيوية كما تتجسد من خلال الاتجاه البويطيقي الذي يعمل الباحثون على تطويره وبلورته بشكل دائم ومستمر ، وعبر تتبعنا للعديد من وجهات النظر داخل الاتجاه نفسه ، حاولنا تكوين تصور متكامل نسير فيه مزاوجين بين عمل البويطيقي وهو يبحث في الكليات التجريدية ، والناقد وهو يدقق كلياته ويبلورها من خلال تجربة محددة .
في تحليلنا للخطاب الروائي وقفنا على ثلاثة مكونات هي :
1 ـ الزمن .
2 ـ الصيغة .
3 ـ الرؤية السردية .
إنها المكونات المركزية التي يقوم عليها الخطاب من خلال طرفيه المتقاطبين : الراوي والمروي له ، أي أننا وقفنا عند حدوده ما يعرف بالمظهر النحوي أو البنيوي . وهذا إجراء أساسي يفرضه علينا التحليل السردي . في ” انفتاح النص الروائي ” ، سنحاول الانتقال إلى المظهر الدلالي أو الوظيفي .
ونحن نقف على المظهر النحوي للخطاب تقودنا أسئلة محددة حول الخطاب بصدد كل مكون من تلك المكونات . حاولنا تحليلها من خلال عمليتين متكاملتين :
ـ في الأولى : قمنا بدراسة جزئية لرواية ” الزيني بركات” لجمال الغيطاني ، عبر تقسيمنا الخطاب إلى عشر وحدات ، حاولنا من خلال كل واحدة منها معاينة تجلي آليات المكون وطرائق اشتغاله .
ـ في الثانية : أنجزنا دراسة كلية لأربعة خطابات هي :
1ـ الوقائع الغريبة : إميل حبيبي
2 ـ أنت منذ اليوم : تيسير سبول
3 ـ الزمن الموحش : حيدر حيدر
4 ـ عودة الطائرإلى البحر.
وحاولنا من خلال ذلك استخراج البنيات المشتركة بين هذه الخطابات على صعيد كل من الزمن والسرد والتبئير ، وانتهينا إلى تسجيل مجموعة من الخلاصات من خلال علاقة الراوي بالمروي له في الخطاب .
ولكي نقدم دراسة متكاملة ، مزجنا النظرية بالتطبيق ، فصدرنا التحليل بمقدمة حول الخطاب ومكوناته . وبخصوص كل مكون من المكونات الثلاثة كتبنا مقدمة تتبعنا فيها أهم الآراء والاتجاهات لتتاح للقارئ إمكانية تشكيل تصور عام يمكنه من مسايرة التحليل ومتابعته. حرصنا أن يكون عرض تلك الآراء مركزا وموجزا وواضحا ، كما حرصنا على ممارسة الوضوح في التطبيق والتحليل . وكان رائدنا دائما هو الوضوح المنهجي والانطلاق من السؤال النقدي ، ونحن نعي صعوبة الأرض التي كنا نتحرك فوقها . فإن وفقنا فذلك أقصى ما نأمل ، وإلا فما قدمنا كفيل بإبراز الصعوبات والمشاكل التي ستظل دائما مثارة بصدد قراءتنا ونقدنا العربيين مالم نتحزم لذلك بما يكفي من الجرأة ، ونتشجم مصاعب البحث والتحليل ، ولم تتكاثف الجهود من مشرق الوطن ومغربه عبر حوار صريح وموضوعي لدفع عجلة النقد العربي إلى الأمام .